حلم البارحة، "ص"، وحكاية الاثني عشر آسبوعا
![]() |
الصورة للمخرجة "نسرين منصور" |
فحينَ آدركت وآنا في الحلم آنني في "طرابلس"، اخيرا بعد
ثماني سنوات. انني بالفعل قد عدت الى "الحومه"، رآيت "ص" تمر بجانبي فلحقت
بها.
"ص" بنت درست معها في ثانوية "سكينه بنت الحسين". انا في
الصف الآول ثانوي. هي في الصف الرابع ثانوي. تسكن في منطقة الظهره. طيله
ثلاثة آشهر (ديسمبر ٢٠٠٤ - فبراير ٢٠٠٥) آفيق مبكرًا في الصبح لانني آعرف
بآنها ستمر بالقرب من بيتنا على تمام السابعة والنصف في طريقها الى
المدرسه. لم تمانع "ص" مسايرتي لها الطريق من "سينما عمر الخيام" حيث
آنتظرها، وحتى وصولنا الى "قهوة المصاروة" في شارع عمر المختار. تفضل آن لا
يرانا آحد ندخل المدرسة سوية، وفي آحيان آخرى كنت آودعها بالقرب من زنقة
الخياطين في شارع عمر المختار حين آقرر الهروب من المدرسة.
ثلاثة آشهر من المشيات الصباحية مع "ص"٫ تحدثنا فيها كثيرًا عن كل شي وآغلب الحديث يدور حول كرهها العميق لآسمها.
تحدثنا عن المدرسه والمعلمات والزملاء في الاسبوع الاول، ثم في الاسبوع الثاني تعمقنا في الدردشة وبتنا نتحدث عن حياتنا العائلية. في الاسبوع الثالث تحدثنا عن علاقاتنا العاطفية المليئة بالخيبات. في الاسبوع الرابع اعترفت لي بانها مخطوبه وان حياتها مع خطيبها "مية المية". في الاسبوع الخامس قالت بآنها تركت خطيبها، وظلت طيلة الوقت تحدثني عن آسرارهما. في الاسبوع السادس حدثتها عن حبي لها، وبقيت الاسبوع كله آحدثها عن اكتشافي لاسباب حبي لها. في الاسبوع السابع حدثتني عن رغبتها في العودة لخطيبها، وباتت ضجرة بسبب عدم رده على اتصالاتها. في آول يوم من الاسبوع الثامن حدثتني عن عودتها لخطيبها يوم الخميس الماضي وظلت تحدثني باقي الاسبوع عن كرهها الشديد له. في الاسبوع التاسع حدثتني عن الاسباب التي جعلتها ترتبط بخطيبها، وهي كثيرة جدا ولا آجد داعيا لسردها سوى قصة السيارة والفلوس وسفريات روما وباريس. في الاسبوع العاشر آخبرتني بآن خطيبها رآنا نمشي سوية وسآلها عني، فقالت له بآنني زي خوها الصغير. في الاسبوع نفسه ضربها الخنس فغيرنا طريقنا وبتنا نلتقي دوما بجانب مصرف الادخار في شارع هايتي لنمشي في شارع ميزران ثم نخترق وسعاية بلخير ونخرج على شارع عمر المختار. في الاسبوع الحادي عشر آخبرتها بآنني آحب زميلتها وصال. اخبرتها في اليوم التالي آن وصال قالتلي "خلينا صحاب". في اليوم الثالث آخبرتها عن رواية "سجين زندا" التي فرغت مؤخرًا من قراءتها، وفي اليوم الرابع اخبرتها عن هوسي الشديد بملاحقة "علي مصطفى المصراتي" في شوارع وسط البلاد كي يقرآ قصصي التي آكتبها، والتي كان معظمها ملخصات "كابي - بيست" من روايات حنا مينه. في الاسبوع الثاني عشر كنت آمشي مع "ص" جنبًا الى جنب. انتهى الكلام بيننا، وقتلنا الروتين.
نسيت ص طيلة السنوات الثماني الاخيرة. لم آتذكرها الا اليوم بعد ان رآيتها في المنام. بقميصها الاحمر الذي ترتديه على الزي العسكري الصاعقة. جسدها النحيل وقامتها القصيرة. آنفها الطويل وعيناها الصغيرتان. لم تكن جميلة، ولكن شيء ما فيها كانَ يثيرني. في الحلم كانت صابغة شعرها بلون الحناء. طيلة الطريق - في المنام - من محل بصريات النعمان حتى ميدان الشهداء كنا نمشي ساكتين. حينَ وصلنا ميدان الشهداء، آراه الآن لاول مرة منذ العام ٢٠٠٥، شاهدت الآعلام الخضراء لا تزال مرفوعة عالية.. سآلت "ص" عن السبب في رفع الاعلام الخضراء، رغم ان "بونجمه وهلال" يرفرف في كل مكان. هزت "ص" راسها غير مبالية. سمعت صوتها لاول مرة وقتها، تقول: "مافيش حد نزله.. ماهو طويل هلبه".
نسيت ص طيلة السنوات الثماني الاخيرة. لم آتذكرها الا اليوم بعد ان رآيتها في المنام. بقميصها الاحمر الذي ترتديه على الزي العسكري الصاعقة. جسدها النحيل وقامتها القصيرة. آنفها الطويل وعيناها الصغيرتان. لم تكن جميلة، ولكن شيء ما فيها كانَ يثيرني. في الحلم كانت صابغة شعرها بلون الحناء. طيلة الطريق - في المنام - من محل بصريات النعمان حتى ميدان الشهداء كنا نمشي ساكتين. حينَ وصلنا ميدان الشهداء، آراه الآن لاول مرة منذ العام ٢٠٠٥، شاهدت الآعلام الخضراء لا تزال مرفوعة عالية.. سآلت "ص" عن السبب في رفع الاعلام الخضراء، رغم ان "بونجمه وهلال" يرفرف في كل مكان. هزت "ص" راسها غير مبالية. سمعت صوتها لاول مرة وقتها، تقول: "مافيش حد نزله.. ماهو طويل هلبه".
ثم فقت من الحلم، منزعجا، وآنا آفكر في "ص" وذكرى الثلاثة آشهر.
***
(كل ما ذكر آعلاه من حلم وواقع حدث بالفعل وليس من محض الخيال، ومافيش لا جو عبرة ولا هم يحزنون..)
***
(كل ما ذكر آعلاه من حلم وواقع حدث بالفعل وليس من محض الخيال، ومافيش لا جو عبرة ولا هم يحزنون..)
تعليقات