ادنـــا
![]() |
الصورة: Noha Zayed |
مقاطع من رواية "بيرة في نادي البلياردو" لـ وجيه غالي*
ترجمة: محمد مصراتي
"ادنا.." همست. حركت رأسها قليلاً، ولكن ظلّت تحدق خارج النافذة. حركتُ أصابعي برفق على معصمها. "ادنا، ادنا، ادنا...". حركت رأسها والتفتت لي. للحظة، اعتقدتُ أن الظلّ يلاعب خدّها. في ذات اللحظة تحركت يدي لا إراديًا إلى عينيّ وغطتهما. ظلّ الصمتُ مخيّمًا، وبعد ذلك سمعتُ فونت وليفي يخرجان.
"أعطني سيجارة" قالت بصوت ناعم. يداي كانتا مبتلتان بالعرق. أعطيتها سيجارة ومن ثمّ سحبت واحدةً لي وأشعلتهما.
"كيف تراني الأن؟" قالت.
أمرٌ عجيب: يتعرف رجل على امرأة. ولفترة طويلة يصيران شخصا واحد. يمزجان أفكارهما وجسديهما وأمالهما ورائحتهما وحياتيهما. يصيران واحدًا. وبعد ذلك، أي بعد فترة من الزمن، يصيران غريبين. لم يعودا واحدا مرةً أخرى. كأنهما كانا فكرة لم تحدت، كفكرة أن ينظر أحدهم للمرآة مثلاً، ويرى شخصا غريبًا عوضًا عن انعكاسه.
***
"انت حزين؟" سألت إدنا دون أن تدير رأسها.
"شوية." كانَ ذلك النوع من الحزن الهادئ الذي ينتابك وأنت تمشّط شعر امرأة تحبها وأنت تدرك أنك لا تستحقها.
"الأن يتوجّب علينا ارتداء هذه الملابس". قالت دون أن تتحرك.
"نعم" قلت
"هل تمانع ان تعريتُ أمامك؟"
"لا يا ادنا"
"ليه؟"
لم أجب.
"هل لأنك تحبني؟"
ظللت أتحسس رقبتها بهدوء.
"أنا أكبر منك بأربعة سنوات" قالت.
"هل يهم ذلك؟" سألت.
"لا" أجابت.
بعد فترة من الوقت، سألتني ان كنتُ ساذجًا كما يبدو عليّ. انحنيت للأمام وقبّلتُ رقبتها. "أنا لستُ ساذجًا" همست، "لكنّني عبيط.. لأنّي أحبك".
"قلها مرةً أخرى" قالت
"ماذا؟"
"انك تحبني".
"احبك" قلت.
***
أردتُ أن أحيأ. أن أقرأ وأن أقرأ، وادنا تتحدث، وأن أحيأ. أن أدخل في علاقات غرامية مع كونتيسات. وأن أقع في حبّ ساقية وأن أصير قائدًا سياسي، وأن أفوز بالمونتي كارلو وأن أكون مشردًا في لندن وأن أصير فنانًا وأبدو أنيقًا.. وأن أكونَ أحمقًا.
-----------------------------------
* مقاطع من رواية "بيرة في نادي البلياردو" لـ وجيه غالي.
ترجمة: محمد مصراتي (مرشابيدي).
-----------------------------------
* مقاطع من رواية "بيرة في نادي البلياردو" لـ وجيه غالي.
ترجمة: محمد مصراتي (مرشابيدي).
تعليقات