ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟



ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته!


تأيتيكَ الجملة المستفزة وتستقرُ في عقلكَ مذ فتحتَ عينيكَ في الصباح، وكانت الكفخة المؤرقة تلعبُ في عقلك فتصيبك بالدوار. تعيدُ قولَ الجملة، ولكن هذهِ المرّة بصوتٍ مسموع، هكذا تنطقها ليرتدَ صداها أرجاء الغرفة، ثمّ ترمي بيدك على الطاولة المحادية لسريرك، وتسحب علبة التبغ وتشعلَ سيجارة. في تلكَ الأثناء، ستعرفُ حقّ المعرفة أنّ هذا السؤال الوجودي كانَ فخًا يضعكَ فيهِ رجال الله على الأرض، حرّاس الديكتاتورية المقدّسة، لاصطيادك بين غفواتك وبين أجنحة أحلام وردية كانت ولا تزال تذوبُ فيك، وقد تلوحُ في رأسكَ صور عديدة لنساء يسرنَ في الشارع بعباءات طويلة وقد دسسنَ وجوههن خلفَ ستائر سوداء، وذلكَ تحقيقًا للمقولة الأبدية أنّ الانسان بطبعه حيوان.. حيوان برّي، بأسنانٍ كبيرة، ولهُ قضيبٌ منتصب على الدوام! قد تأتيكَ أيضًا صور مفتي البلاد الذي لم يعرف وجهه الابتسام يومًا، عبوسٌ قنطريرة، صلب الملامح، لهُ دماغ مستقر بينَ سيقان امرأة.. هكذا، وأحيانًا تتخيّله، في الفراش، مع احداهن، وقد وضعَ رأسهُ بينَ ساقيها ليداعب بلسانه قطّتها، وفي توهجها جاءته الفكرة الأزلية الوجودية المتساءلة عمّا رأيناهُ من الله حتى نكرهَ شريعته. ستأتيكَ الجملة مرّة أخرى، ولكن هذهِ المرّة، وبطبيعة الحال، سيأتيكَ الانطباع عنها كفكرة سادية، هي في الاصل ختام روايةٍ تراجيدية! سيأتيكَ هذا السؤال هذهِ المرّة بشكل أكثر رعبًا، كـ سؤال غسان كنفاني الذي ألهم جيل السبعينات "لماذا لم تدقّوا جدران الخزّان؟". بين السؤالين الوجوديين، سيخطرُ في بالكَ هذهِ المرّة شعبٌ يسيرُ تجاهَ العدم وقد صدّق أنّ هذهِ الأغلال التي تكبّلهُ هي مفاتيح الجنّة. وستتذكرُ أيضًا – ويالا المصادفة – صديقك الذي يؤمن بكل أشكال الحرية التي لا تخالف معتقداته. الحرية يا أخي، هكذا قال صديقي، جميلة وعظيمة جدًا، ولكن نقد الدين أو التهجّم على المفتي حفظه الله أو سبّ الشعب وسيادة الدولة، هذهِ كلها لا تمتّ للحرية بصلة، بل هي قلّة أدب واحترام، وواجب على المرء أن يعاقب لفعلته. وبالمصادفة أيضًا، وبينما كانَ صديقي يفسّر لي معنى الحرية، رأيتُ ثلاثة وثلاثين مقاتلاً كانوا في القبو، وكانوا سيموتون بعدَ لحظات، فرميتُ سيجارتي على الأرض ودعستُ عليها وزفرت قائلاً "لماذا لم تدقوا شرع الله"؟ لحظتها، نعم لحظتها، أزاحَ المفتي رأسهُ من بينَ سيقان الحسناء في فراشه.. التفتَ لي وأظهرَ ابتسامة فريدة، وكانت هذه المرة الأولى التي أحظى فيها برؤية ابتسامته... ولم اكد استوعب الامر حتي وقع شيخنا المفتي علي الارض وراح يضحك بهستيريا مرددا بين كلنوبو واخرى: ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟


تعليقات

‏قال Soha Awad
على فكرة، هل أنت محمد مصراتي نفسه كاتب مقال: "رفاقي الذين تركتهم في ليبيا" في "كلمن" عدد 3؟
‏قال Noura ezzaroualy
حقيقة كريهة جدا و مستفزة, لكنيي فخورة بكرهي لهم !
‏قال Marwa kdiwish
أعجبتني بشدة .. مُتناقضونَ همْ شيوخْ " العازة " .. ومجانينْ همْ اللذين يأخذونَ الدينَ عنهمْـ .. حتى إذا حُشروا في الاخرة ! وَجدوا نفسهمْ يسبحونَ مع القرشْ في بطونِ جهنمـ معنا :).. !


راقت لي بشدة .. تابع على هذا السياق ..
‏قال لاديني
ماذا رأينا من شرع الله؟..لم نرَ شيئاً على الإطلاق.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التاريخ السري: مقتطف من مقال طويل

أحلام ومؤخرة الحمار

معمّر مات