الحل سكسي
المقدمة: بالطبع كنتِ ستقولين لي: "أنت حر، ولذلك تشعر بالضياع"، تيمّنًا بما قالهُ الجدّ كافكا رحمهُ الله. أنتِ لا تعرفين أنّني لا أحبّ كافكا. شكلهُ يخيفني، وأيضًا، أحبّ أن أكونَ متمرّدًا على أي شكلٍ من الأشكال المرسومة في طريقي، وبكرهي الشديد لكلّ الكتّاب الناجحين والفنانين المبدعين. أنا أحبّ كافكا مثلاً، ولكنّني في ذاتِ الوقت لا أشعرُ بأنّني أودّ اخبار أحد بذلك، فإن سألني عابر السبيل رأيي في كافكا، أجبتهُ على الفور: "خراء"، ثمّ حينَ أشعرُ بالوحدة، أجدُ نفسي بالسر أقرأ القلعة والمحاكمة وأمريكا.. بالسر طبعًا، ككل أدباء الما بعد السوريالية.
رسالة الولي الصالح: قررتُ في لحظة ما هذهِ الليلة أن أكتبَ لكِ، وكما قالَ مولانا الصالح – رحمه الله هو الأخر – في كتاب "فن الموسيقى الشعبية": "أكتب للطفلة، ومش حتشوف منها إلاّ البوسة والبسمة". كنتُ أمامَ خياراتٍ عدّة، عن سبب كتابتي لكِ مثلاً أو ما هو الحدّ الفاصل بين الرغبة والترغّب في الكتابة لك، الحياة تضيق بالإنسان فجأة. تضيقُ بهِ حتى يكادُ يشعرُ أنّ لا فائدة من الحياة في الأصل. ربما لأنّني الأن وصلتُ لمرحلة ايقنتُ فيها أنّ كل شيء عبث، وما حولنا عبث، وحتى الطعام والشراب والسجائر والأصدقاء وكل شيء عبث، أصبحتُ أترغّب في القيام بالأشياء المذكورة أعلاه، ومنها بتّ أضيق وباتت الحياة تضيق بي. لم تعد للكتابة جدوى، ولا للدراسة ولا للعمل. أنا محطّم. عندما قلتُ ذلكَ للولي الصالح صاحب كتاب الفنون الشعبية، استنشقَ بخار الحشيش وقال لي: "غو فاك يور سيلف"، خرجتُ من المعبد وتهت في الشوارع ولم أعرف سر جملته وقصده. لا أستطع حتى فاك ماي سيلف. اليومَ كنتُ أفكّر فيك، كنتُ طيلة الوقت أنظرُ إلى شاشة الموبايل، أنتظرُ منكِ مكالمة، أنتِ طبعًا زعلانة منّي، ولم تكوني تنوين التحدّث معي، وحينَ عدتُ للبيت قرأتُ بعض رسائل الدايركت على تويتر، والتي فيها تبدين انزعاجك من برودة أعصابي ولا مبالاتي. لا أدري كيفَ يراني الناس شخص بارد الأعصاب، وحدهم الفولورز على تويتر بامكانهم رؤية الجزء الدافئ والمظلم مني، ولكن عندما يرونني ويجلسون معي ويتحدثون لي وجها لوجه، يقولون عنّي بارد الأعصاب وأملكُ من اللامبالاة قدرًا يكفّي بهِ الليبيين أربعين عامًا أخرى تحت نظام القذافي – على فكرة، نمتاز نحنُ الليبيين ببرودة الأعصاب والعناد كذلك، وربما لذلك بقينا باردي الأعصاب أربعين عاما تحت حكم القذافي وعندما قررنا الاطاحة به ظلينا نعاند حتى أجلهِ القريب-.
تويتر: أنا وحبيبي والثورة: صدقيني يا قلبي، أنا لستُ بارد الأعصاب مثل باقي الليبيين، أنا فقط أعيشُ زمن الثورة، وقصتنا كمسرحية لم تخلق بعد! قالت سارة يومًا ونحن جالسان رفقة الأصدقاء في التكعيبة "الناس اليومين دول بيعملوا مسرحيات فشخ من نوع أنا وحبيبي والثورة". آه، قصتنا من هذا النوع على ما أعتقد، وبامكاننا الاستمتاع بهذه الرومانسيات –الفشخة- وأن نوقد النار بحطب الثورة. هل تتذكرين يومها ونحنُ نتحدّث عن أسماء أطفالنا المستقبليين، بعدها بساعات جلستُ بعدها أتصفح صفحة تويتر، وجدت انك في ذات الوقت الذي كنا نتناقش فيه حولَ أسماء أطفالنا المرتقبين، كنت كذلك تقومين بريتويت حول أخر الأخبار في البحرين وريتويت أخرى حول قضية نيك في السعودية... أنتِ بالتأكيد لاحظتي أنّني كنت وقتها أقومُ بريتويت حولَ تقدّم الثوار في الجبل غرب ليبيا وأخر المعارك الدائرة على ساحة البريقة في الشرق الليبي. هل رأيتِ كم أنّنا مدمنان على الثورة؟
المكالمة الأولى: وعلى سيرة الحب والثورة، دعيني أذكركِ بأول مكالمة أتلقاها منكِ، في يوم التاسع والعشرون من يونيو عام 2011، وكانَ ذلكَ وأنا في شارع "محمد محمود"، وكانت قذائف مسيل الدموع تتهاوى علينا من كل حدب وصوب، وأنا أستنشق الغاز يا ثورتي المباركة استمعتُ لصوتك، لأول مرة.
الحل سكسي: في ختام رسالتي هذهِ أقولُ لكِ أن الثورة في عروق قصتنا هذهِ، واقولُ لكِ أنّني لستُ بارد الأعصاب، بل أنا ليبي تائه... لوست ليبيان... ولم أشعرُ في ضياعي هذا بالحرية بعد، اكتشفتها أي حريتي، وانا اعضّ شفاهك.
تيامو أموري ميّو: (...)!
تعليقات