هل شرفك بين سيقان أختك؟

فتاة ليبية تلقى حتفها في جريمة شرف بشعة، وزهرة عزو تقتل لأن ثمّة من اغتصبها
أخيرًا قرأنا بصحيفة قورينا خبرًا حول جريمة شرف حدثت بطرابلس. فا في الخامس عشر من مايو 2010 أقدمَ شاب في مقتبل العمر بقتل شقيقته، وذلكَ بتعزيز من والدهُ وأخوهُ الأكبر. وقد جاءَ في الخبر أنّ الفتاة التي في التاسعة عشر من عمرها قد عادت للبيت عندَ الساعة الثالثة صباحًا بعدَ أن قضت الليل برفقة صديقها.
وبعدَ أن قامت الشرطة بالقبض على العشيق، قالَ الثاني في المحضر أنّهُ لم يجمع بالمغدورة، إلاّ أنّ شقيق القتيلة قامَ بقتلها خنقًا بسلكٍ كهربائي، لتطلقَ المغدورة أخر شهقاتها في مجتمعٍ لم يمنحها الفرصة لترى العالمَ بصورةٍ أوضح!
انني أتساءلُ دائمًا بيني وذاتي عن كيفَ يسمحُ شخص لنفسهِ أن يضعَ شرفه وعقلهُ وكرامتهِ بينَ سيقان شقيقته، أمه أو قريبته؟ كيفَ يصل مستوى عقل الشخص لأن يضعَ رجولته المغدورة في دم بكارة شقيقته؟ كيفَ لهُ أن يتحوّلَ لحيوانٍ قادر على قتل نصفهِ الأخر فقط لأنّها أحبّت وبدافع هذا الحبّ وجدت نفسها في رحلة جسدية مع عشيقها؟ كيفَ لهذا أن يحدث في القرن الواحد والعشرين؟
المشكلة لا تكمن هنا وحسب، بل في كمّ التعليقات التي انهالت بصفحة الخبر المنشور بقورينا: معظم المعلقين ناصروا الشقيق، وقالوا بكل فخر أنّ الشرطة يجب أن لا تعاقب هذا الشاب، بل تعطه وسام ومكافئة لأن هذا ما يجب أي شخص القيام بهِ دفاعًا عن شرفه! وأخرين باتوا يقولون أنّ على الصحف أن لا تتناول هذهِ الأخبار لأنها خاصة ولأن الطابق يجب أن يبقى مستورًا ولأنّ ليبيا مجتمع محافظ وهذهِ الأخبار تسيئ لليبيين ونسائهم!!!
ربما يكونُ هذا أول خبر في تاريخ ليبيا الجديدة يتناول قضية (غسل شرف)، فالصحف الليبية تتستّر (بدوافع قبلية بحثة) عن أي من هذهِ الجرائم البشعة، وهذا المجتمع القابع تحتَ وطأة سيف رقيب ديني واجتماعي وسياسي لم يقرأ أبدًا في صحفه عن هكذا جرائم، رغمَ أنّنا نسمعُ عن الكثير منها فيما بيننا في المقاهي والشوراع والمدارس. طالبات يتغيبن عن المدرسة، ومن ثمّ يقال أنّهن متنَ بحادث سيارة أو وقعن من على السطح أو مرضن فجأة ومتن، ثمّ في أخر المطاف تكتشف أنّهن قُتلنَ بأبشع الوسائل (خنق، طعن، ضرب) ثمّ ينقلنَ في اليوم التالي إلى المقابر ويقفلن عليهن القبور... فيرى الأخ شرفه المغدور وهو تحتَ التراب، فيصلي للرحمن الذي ساعدهُ على تحمّل هذهِ المصيبة التي حلّت بهِ!
إنّني أكتبُ هذهِ التدوينة لأقفَ إلى صفّ القتيلة التي لم تكمل العشرين عامًا من عمرها، وبصف المناهضي لجرائم الشرف، ولأضعَ مدونتي واسمي مع أسماء الذينَ سيوقعون أي وثيقة احتجاجًا على أي تقصير أو تساهل في جرائم (الشرف)، ومع زهرة العزو، التي قتلها أخاها لدافع ازالة الشوائب العالقة في رجولته رغمَ أنّها لم تقم بشيء، وذنبها فقط أنّها (بنت) تمّ اختطافها واغتصابها، ولكن هذا وحدهُ كانَ سببًا كافيًا ليجعل العائلة العنترية تضعُ حدًا لحياة هذهِ الطفلة التي لم تكمل السادسة عشرَ من عمرها ثمّ يقومُ القانون بإخلاء سبيل أخاها القاتل! وبصف الكثيرات ممن متنَ تحتَ طائلة هذه الخدعة المسمية (شرف)!
هل وصلَت درجة تفكيرك وثقافتك لتضعها بينَ سيقان امرأة؟ يا لكَ من حيوانٍ يا (غاسل الشرف)!
---
روابط ذاتَ صلة:
تعليقات