المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٠

رائحة البيض صباحا

صورة
1 رائحة البيض في الصباح لذيذة. حالما يفتحُ عيناه، يتجّه للمطبخ. صوت المطرب "أحمد فكرون" يصدح من المسجّل العتيق فوق الثلاجة. يعتمدُ أثناء طهوه للبيض على السير وفقَ لحن الموسيقى. يحبّ أثناء تجهيز البيض، تحريكها داخل الطاوة وسماع صوت الزيت المقلي. عادةً، أثناء طهوه للبيض، تكونُ السماء صافية، ولأن العمارة التي يسكنُ فيها تكونُ مواجهةً للبحر، من الجهة الشرقية، فإن الشمس تسقط على مطبخه كل صباحٍ، كأنها تتجوّل لتطمئن على حاله. وعلى الرغمِ من أن الطقسَ بارد، إلاّ أن الشمس في مدينة طرابلس، ترسلُ دفئها في مطبخه، ومن المتوقّعِ أن يكونَ هذا السبب الذي جعله لا يقترن بالنساء اللاتي زرنه في شقته، والسبب أيضًا في طلاقه من إبنة عمته، وإبنة الجيران، وكلاهما أحبهما بكل ما يملك، لكن الزواج أفسد الحب، ورأى في الشمس حبّه الذي لا يطارده رجال شرطة الآداب، ولا تجبره الوالدة أطال الله في عمرها على الزواج منها. بل هكذا.. كل صباح، يطهو بيضةً واحدة، اصفرار حوله بياض وعلى جوانب البياض احتراق بنّي اللون، ويمارسُ طقوسَ عشقهِ لشمسهِ الدافئة. كانت سوسن تقول له: "الشمس والسيجارة وأحمد فكرون..

ولادة رابعة لـ امتداد

صورة
رفيقي العزيز غازي ها هو امتداد يكمل عامهُ الرابع. أربعة سنوات من العمل والإعداد والتسجيل والمونتاج والاعلانات، رغمَ كمّ الاحباطات التي تتلقاها في كل مرّة. طفلكَ الصغير باتَ يكبرُ رويدًا رويدًا. وشهيقكَ الأخير، شهيقكَ الأخير يا صديقي أستمعُ لهُ الأن، وأنا أجلو بهذه الكلمات، وعندما انتهيتُ منهُ، وجدتُ أنّ احتفالكَ بهذا اليوم كان بقصيدتين نثريتين صوتيتين. حزني الجميل، هذا النثر الذي لطالما استمعتُ لهُ وأنا أسيرُ على أرصفة لندن وشوارعها الضيّقة. لندن يا صديقي امتدادٌ أخرَ لنا. امتدادٌ قطعناهُ صباحًا وظهيرةً ومساءًا وأخر الليل. شاركتنا هذهِ المدينة حلمًا عميقًا، هل هذهِ الأحلامُ باتت شهيقًا أخيرًا وحزنًا جميلاً؟ في فينشلي رود، قلتُ لكَ: "سنلتقي الاثنين للإحتفال".. سألتني بتعجّب: "بماذا سنحتفل؟". أغضبني سؤالك، وأجبتكَ بتعجّب: "أربعة سنوات على ولادة امتداد". إلاّ أنّكَ لحظتذاك لم تنظر إلى عينايَ. اكتفيتَ بهزّة من رأسكَ وأنتَ تتذكّر ميلاد طفلك ثمّ قلتَ لي بصوتٍ منخفض حتى كدتُ لا أسمعه: "ومالجدوى؟". لقد أصابني سؤالكَ في داخلي وألمني. فمنذُ أ

خواطر صايع عادي

صورة
قصة قصيرة 1 لحظة ولادة، وصرصور يجري على الحائط وعينا أمي على الحائط تراقبان صرصورًا بنيَ اللون شاحب الحركة، وُلدتُ. هل كانَ عليّ أن أذكرَ ذلكَ لأبدأ السرد؟ ربما هذا الشيء الوحيد الذي ظلّ في حلقي ولم أقله في معظم حكاياتي. أو ربما لم أقل شيئًا من حكايتي لأن ذاك الإعتراف كان كجدار يجب كسره لتدخل باقي الحكايات في سياق نص هو اعتراف لا أكثرَ ولا أقل. وُلدتُ كأنني لا أريدُ أن أولد. ربما هذا ما حدث، وهذا ما قالتهُ لي أمي فيما بعد. لم أكلّف نفسي عناء السؤال، كيف، ربما لأنّ جملتها كانت شبه خاتمة للموضوع، بزفرتها، وهي ترتب لي ملابسي بعدَ أن نشفت. لممتُ نفسي وخرجتُ من البيت، وصوتُ طفلٌ ما في داخلي يبكي مبشّرًا الأخرين حوله أنه وُلِدَ وأنّ وقت الزغاريد قد حان. عدتُ إلى البيت وسألتُ أمي إن كانَ هناكَ من زغردَ حولها بعدَ أن وُلدت، فضحكت، وقالت أنه لا وجودَ لزغاريد، ومن ثمّ أضافت أن والدي لم يتصل بجدتي وأقاربنا عن اقتراب وقت ولادتها، لأنه كانَ نصف سكران وقتها. نصف سكران؟ لم أرى أبي يومًا نصفَ سكران. امّا أن يكونَ سكراناً أو نائمًا، أو على الأقل، صاحيًا، يسألني أن أخذَ نقو

رسم بياني للحظة انتظار

صورة
قصة قصيرة 1 لطالما كنتُ أسمحُ لعشيقتي بخيانتي، إيمانًا أنّ كلّ الأجسادِ التي ستمرّ عليها ستكونُ غريبة، وسأكونُ أنا وجسدي لها وطنًا ترجعُ إليهِ، مهما ابتعدت، ومهما طالت السنين. في الواقع، كنتُ أستاء حينَ تتأخر عشيقتي عن موعد عودتها من عملها، وكنتُ أدركُ أنّها تخونني، ولكن إيماني العميق بماهية الوطن والمنفى، يجعلاني أسمحُ لها بأن تخونني كيفما شاءت، وقد مررتُ بتجاربَ عدّة، مليئة بالغيرة وعدم الثقة، حتى وصلتُ إلى إيماني ذاك، ولا مبالتي القاتلة. فقد كنتُ لنسيانها عندما تتأخر عن العودة إلى البيت، أملأ وقتي بالتفرجّ على بعض الفيديوهات على اليوتيوب، أو التسلية بالدردشة على الماسنجر. أحيانًا أحاولُ الدراسة أو كتابة مقال أو ريبورتاج صحفي، وأحيانًا أخرى أحاولُ كتابة نصّ قصصي، إلاّ أنّ كلّ ذلكَ لم يكن يثمر لنسيانها ونسيان خياناتها. وحتى الماسنجر وفيديوهات اليوتيوب سرعان ما أصبحت أتذمّر منهم، لعلمي أنّني بذلكَ أخونُ نفسي، وخيانة النفس أكثرُ حدّة من خيانة الحبيب. 2 ومن تلكَ الغيرة، ولدت محاولات اللامبالاة وفكرة الوطن والمنفى. فقد كان هناكَ حلاّن لتجنّب خطر الغيرة، فعوضًا عن إد