الدرية ولد شارعنا
تعلمتُ في طرابلس أن يكون لي سند في اللحظات الأكثر حرجًا. كأن يتعرضَ لي أولاد الكازا على سبيل المثال ويسألونني ربع دينار مقابل المرور بسلام، ووقتها (على سبيل المثال أيضًا)، لا يكون في جيبي سوى ولاعة بدون غاز وسيجارتين رياضي مليئتان بالتجاعيد بعدَ أن دخلوا غسالة الملابس على مدى حربين وبضعة قطرات عرق. وفي هذه الحالة عليّ أن أقولَ لهم أنني من أولاد المدينة وولد شارعي، والمتريسّ علينا هو رامي الحفيان. طبعًا سأقولُ ذلكَ فقط لأتجنّب الدخول في مشاكل مع أولاد الكازا، على الرغم من ان علاقتي والحفيان كانت ماشية زي السمن على العسل، ولكن هذه الحيلة أوقعتني في ورطة، وكانَ ذلكَ في أول لقاء وجه بوجه مع فتحي التشاينا، الشاب الأسود ذو الرأس الحديدي، الذي وحينَ كنتُ ذاتَ ظهيرةً أمشي قاطعًا الكازا متجهًا لـ بن عاشور، أوقفني وسألني عن وجهتي، فأجبته، وكان من بعد ذلكَ السؤال البديهي الذي يقشعّر له البدن: “وين تسكن”، فأجيبُ ورأسي مرفوع، وحينَ يسألني عن من هو المتريّس على الشارع ليتأكد من صحّة قولي، أجيبه وكلّي تحدّي وشموخ: “رامي الحفيان”، فضحك وهو يمسحُ على صلعته: “قصدك رامي ولد الزمزامة! هات دينار وك