المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠٠٧

عصافير شرسة

1   رعشات ديسمبر باردة كبرودة وجه عمٌي مفتاح وهويقود السيارة بنا. كان من لحظة لأخرى يزفر بكلمتين جارحتين في وجهي ووجه أخي معتصم. يقول في إحدى زفراته وهويدوس على البنزين بقوة:   - أتفوعلى الزمان. يا ولد الكلب إنت وهو. لوكان بيدٌي لرميتك في الشارع مثلك مثل أبوك.   يسير بإقتضاب وسيجارته الرثٌة لا تفارق فمه إلاٌ لينثر بقايا اللٌفافة المحروقة في مقدمتها. من لحظة لأخرى يبعثر كلمات عابرة نميٌزها إن كانت بصوت عالٍ عن التمتمات المنخفضة. سرعان ما ينفعل إن لفظت أنا أوأخي معتصم بأي كلمة أوتعقيب عن ما يقول أوردٌ. فيمدٌ يده الطويلة ويضرب أينما كان أوأي جسد يلمسه وهويلعن ويشتم بصراخ، وينعتنا بناقصي التربية والأدب.   نراقب نصف وجهه ونحن في الكرسي الخلفي، القمر يظهر النصف الأيمن، أمٌا الأيسر فقد أكلته عتمة الليل الكثيف. نشعر بالإختناق من رائحة السيجارة، وعندما حاولت فتح النافذة الخلفية. شتمني عمٌي مفتاح وآمرني بالجلوس وألاٌ أفتح النافذة.   أخي الأكبر معتصم لازم الصمت، ليس خوفاً، بل سعة صبر. كنت أدرك أنه بمقدور معتصم أن يسحب السكين الذي يخبئه في خصره ويطعن عمٌي مفتاح وهو مط

ليلة قدر

طرابلس الغرب 26 رمضان 1984   ذلك المساء جلسنا بصمتٍ على مائدة صغيرة عليها بقايا عشاء الأمس... كانت عينا أمي تحملان خوفاً ولمحة هاجس طغى على مسمات وجهها، وخالي الذي بجانبي يلعب صمتاً بأصابع يده اليمنى، أسمع نبضات قلبه التي تخفق بقوة، وكأن قلبه مصدر سلوى لطبّال شغوف بحفلات الرقص والعزف... كانا أمامي، والتلفاز ذو الهيكل الخشبي مقفل على الرغم من توسلاتي لخالي بأن يفتحه، إلاّ أنه كان يصرخ في وجهي بأنّ التلفاز لا يعرض شيئاً هذه الساعة، ولكنني كنت أريد أن أرى ما في التلفاز... فالشاشة المرئية بشكلٍ عام كانت تلهمني للتأمل والخيال، وكنت أهوى الجلوس أمام هذه الشاشة لساعات عدّة حتى دون أن تعرض شيئاً ذو قيمة... هكذا كانت عيناي تسيران رغماً عنّي لتأمل هيكل التلفاز وأنا أضع ملعقة من الشربة في فمي، بينما أمي وخالي صامتان ينتظرا ضرب مدفع الإفطار، وكأن حفلة الحزن مرّت بيننا، وكأن النفس تأكل والمعدة صامتة أمام الروح الشرهة.   "لا تأكل كثيراً... مازال دقائق على المغرب" قالت أمي وهي تشهق بقوة. ثم تلتفت لخالي ويبداؤن حديثهما عن أشياء لم أفهمها وقتها، كنت أسمع خالي يقول: " ما د