المشاركات

معاناة عامل السينما

صورة
  أبحث عن عِبرة في كل شيء حولي. لا أجد. دفتر اليوميات رميته البارحة أو ظهر اليوم. لا أجد. رائحة قارصة أعجز تمييزها. أعجزُ التحرّك. أحاول ثانيةً. أبقى على ظهري حتى تختفي الرائحة وأعاود النوم. أجد الدفتر بالقرب منّي حين أستيقظ. لا أعثر عليه لمّا أستيقظ. أستيقظ. لا تأتي العِبرة في كل شيء حولي. أكتب على شاشة التليفون. يدفع طفل أبواب قاعة العرض، يندفع منها إلى الممر المؤدي لكل القاعات، يُفرغ ما في بطنه - سكاكر وفشار ودهون وشيء أصفر يبدو أنه بقايا وجبة الصباح - على البساط، تندفع ماماه من الباب وتعتذر لعامل السينما نيابة عن إبنها، إبنها يرتجف، العامل يوصيها الإقتصاد في الإعتذار؛ الأمر طبيعي، عادي، مفهوم، ماما تبتسم بارتباك، لم تفهم، عامل السينما لم يستفيض. المشكلة أن الكلب في الخارج لا يبدو عليه الاهتمام. قطة سوداء بوشاح أبيض تقفُ على عتبة النافذة قرب النبتة الحمراء والغسيل المنشور. أخالني أناديها لا تستجيب. لأن في كل المرات التي أناديها حلم لا أقدر النطقَ فيه. مرات الواحد لازم يحط رِجله على الوطاء أولا قبل التفكير في الرحيل. مرات الواحد لازم يحرّك راسه أولا قبل أن يفكر به. بابا يسأل و

بحبوحة

  توقّفتُ عن تعاطي الكوكايين قبل تسعة وعشرين يوماً، لكن حسابي المصرفي ما يزال صفراً. امتنع المصرف عن إعطائي أي قروض أكثر من المتراكمة، ومعارفي وأصحابي رأوا أنّه لا فائدة من الاستمرار في فعل ذلك. ظاهرياً قد أبدو لك أنني لا أهتمّ بالأمر، واثقاً بأنّ حياة الإفلاس تناسبني، وأعتبر أجمل أيامي هي تلك التي لم أمتلك فيها مليماً. إنّني مدين للإفلاس، ولولاه متُّ زمان. رغم ذلك، لم أجد مفرّاً من لحظات كهذه يحضر فيها الإفلاس كمعضلة وواقع أليم. موعد دفع الإيجار غداً، وأنا أصلاً متأخر شهرين. رسائل الفواتير ملأت مدخل البيت، وكل يوم يتّصل بي رقم غريب فلا أردّ عليه، أو يتّصل سمسار البيت، وحتى هو لا أردّ عليه. خلال هذه الأيام التسعة والعشرين بقيت معظم الوقت جالساً أو مستلقياً على الكنبة، غير قادر على المبادرة بأي أمر يُخرجني من واقعي أو يُعيدني إليه. كنت واعياً لمسألة الاعتكاف كضرورة للخروج من حلقات الشم. التوقف عن التعاطي يحتاج إلى وقت وصبر وكساد وقلة مال وطلعات. كنتُ مزاجياً معظم الوقت في الأسبوع الأول وحائساً في نفسي، أتنقّل دون سبب بين الغرف ونادراً ما أدخل المطبخ أو الحمام. قضيتُ وقتاً لا بأس به أنظر

موت محمد

صورة
  S B Ginsburg صعقت حين سمعت أن الرسول مات . إبن عم أبي، حسين، والذي كان يكبرني ببضعة سنوات، هو من أخبرني الحقيقة التي لم أصدقها ونحن نشوي حمامة اصطدناها قبل قليل وطلب حسين من عابر سبيل في طريقه لصلاة الجمعة أن يذبحها لنا . رحب الرجل الغريب بالأمر، و سرعان ما ندم لما لطخ الدم كُمّ قميصه الأبيض  ف اضطر للعودة من حيث جاء، دون أن ينبس بكلمة، دون أن ينظر إلى عيوننا، ودون أن يذهب إلى الصلاة .  لا أدري كم كان عمري وقتها، دون العاشرة بكل تأكيد، لكن يستعصى عليّ تحديد العمر الصحيح، وهو ما يبدو غريبا لشخص في حالتي؛ أعرف التفاصيل الزمكانية لكل حدث في حياتي، وأسمّي الفترات بأعوامها. علّني   صرتُ هكذا بسبب اكتئاب حل بي فأعادني إلى الماضي بتفاصيله الدقيقة، أو لأن التذكر من طبائع البشر منذ بعد الأزل بقليل، أو ربما لأننا نعيش في زمن مشحون بالأنا والذاتية المفرطة والهوية الفردية وغيرها من نتاجات الصحوة النيوليبرالية وحوليات العالم الذي لم يعد لنا . أي من هذه ا