الدنيا مْنيكة يا حْميدة




"في نص التسعينات، جو خمسة وتسعين ستة وتسعين، الناس فسدت أخلاقها، والشعب انتاك. ولّينا شعب اخّي، وأني الحق ما هنّيتش روحي، ولّيت زيهم، سفتول وراسي كاسح. لكن نترس ونخدم. خدمت من لمّا كنت فرخ صغير وكانوا ينادوا عليّ الدرية." 

"شريت ستيكات دخان بالجُملة وبزنست فيهم، وبعدين جاني كزيوني مع واحد صاحبي، وعوّلنا ودرنا جو يقحّب. ولمّا كبرت وعمري سطاش، لقيت روحي انشكنكش في الدولار يا حْميدة. وقتها كانت الحكاية في التسعينات، والقيدّا جاته هبلة المدارس الثانوية حولها ثكنات، والطلاّب يناوبوا عليها دوام نهاري وواحد في الليل والجو هذا.. فكنت نمشي لبوي انقوله اليوم عندي مناوبة ليلية في المدرسة، وبوي مسكين ما عنده ما يقول،لأنّه الحضور اجباري.. لكن الحق وقتها كنت ليّا عامين مبطل قراية والشيباني عندي مسكين لا يعرف يقرا لا يكتب. انجيبله ورقة مخربش فيها وانقوله هذي صحيفة الدرجات، يشدها بالمقلوب ويهز راسه.. مسكين الشيباني، لكن عادي، المهم مشت عليه وقالي ماشي الحال. لكن الحق اني نخدم ترّاس عليهم. حتى لمّا مشت بيّا الدنيا قدّام وسفيت الدم، ما درته الاّ على خاطره هو والحاجّة".

"المهم، شن كنت انقول؟ ايه كنت انبيع في الدولار، وكنت نمشي في العشية بسيارة مع شريكي لراس جدير، للحدود، ونبيعوا الدولار. وبيع الدولار مليح، أحسن خدمة درتها في حياتي.. تبيع الخمسين تطلع منها بثلاثين مكسب... في العشرة بيعات اتدير ربح يرقدك شهر، لكن كنّا نمشوا قريب كل يوم. الحاجة الوحيدة الّي لازم تكون مليح فيها هي العد، والسرعة في العد، وبشكل دقيق. لازم تكون يدك خفيفة باش تضمن الحسبة من الاول ومايغشكش الزبون.. فهمت كيف؟ لكن الحمد لله، يدي خفيفة من يومها، وبيع الدولار فتحلي باب رزق."

"ما فيش حد خير منّي في التشنكيش وأجواء البسنس والكازيونيات. وبعد ما بعت الدولار خشيت في جو العتق وسوق الرشيد والخضرة والسيارات والحوايج. حتى الورق خدمته مع خوالي وسافرت تركيا ومالطا بالشنطة.. كنت مداير فلوس صح ومعارف وعلاقات وتلخبيط لدرجة ان في ناس تتصل بيا تقولي على مواعيد وفلوس وأرقام ضخمة وأني مش عارف شكلهم الناس هادوما ولاّ حتى أمتى فتحت سراكة معاهم. لكن بيع الدولار ما وقفتاش، وكبر البزنس متاعه وبديت نعرف ناس في المطار يخلّوا فيّا انبزنس على السيّاح والأجانب، وقبل ما نطلع من المطار كنت انمد لكل واحد منهم شوية ورق يشري بيه حاجة حلوة لصّغيورته مساكين يستنوا فيهم في الحوش." 

"في المطار تلاقي هلبة يبيعوا غادي، وكلهم تابعين لواحد من جماعة معمر.. تلقى واحد مثلاً راس كبير في اللجان الثورية باعت الصبي متاعه للمطار بكمشة دولارات ويصرّف ويطلّع في ربح مليح للعرفي متاعه. فلما أني بديت نخدم في المطار كانوا يحسابوني صبي واحد دلزة منيّك. كلها تحترم فيا ويحجزولي مكان مليح في قاعة الاستقبال قدام البوابة بالزبط، ويخلّوني ناخد في راحتي مع الأجانب وما يكلموش فيّا. لكن كله بحسابه وكنت مدايرلهم حساب مليح".

"قاعد نتذكر في يوم نضت الصبح ومشيت المطار. وقتها كان تحتي خمسمية دولار. هلبة لزّب راهو خمسمية دولار وقتها. لما وصلت المطار وخشيت الباب، علقوا عليا اتنين لابسين مدني، على طول عرفتهم عبسلامات، جو شعرهم كاصكو ولابسين هديكَ السورية الكاكية، عرفتها! أني وقتها تحتي خمسمية دولار وما نعرفهمش هادوم الّي شدّوني.. دفوني ع الحيط وجي واحد منهم حط يده في جيب سروالي. انّيكه فاكّو ف وجهه لين راسه لف مية وتمانين. قاعد نتذكر فيها اللقطة مليح، والعبسي هذا اسمه أحمد كعوان.. تلاقيت معاه مرة تانية قبل الاحداث بشهر، وطلع يقرب لولد خال واحد يسكن بحدانا.. المهم وقتها لما العبسي كعوان والّي معاه طبّوني ما كنتش نعرفه.. فنكته وحدة ف وجهه وردسته. خشت بعضها والشرطة جت تحز والناس تتفرج. المهم يا حْميدة لمّا حزّوا العركة وقاموني، وين نلاقي روحي بعدها بساعة؟"

"انلاقي روحي مكلبشيني في مكافحة الزندقة امتاع طريق السكة، لو كانك زابطها! طبعا الخمسمية دولار ناكوها منّي فروخ القحبة.. أحمد كعوان والّي معاه جبدوها قبل ما يركبوني السيارة. وغادي في المكافحة حقق معاي التُهامي. واحد من المنيكين الّي حشيشتهم لحمة جديدة ورطبة باش يفتحها بالتعذيب. أني، الحق، وما نكذبش عليك، قريب شخّيت تحتي. حتى الخمسمية دولار تمشي تنيّك.. تخيّل روحك مكاني، شادينك من المطار وواخدينك لمكافحة الزندقة.. وقتها في السبعة وتسعين الناس قلها خايفة بعد بوسليم والطبّان بالجُملة لجماعة السُنّة واللحي."


"التهامي دارلنا محاضرة أحني الموقوفين الجدد. كنت وقتها أني وستة وحدين تانيين.. وكلهم مربيين لحي، الاّ أني.. كنت الوحيد النظيف فيهم. قصدي محلّق ومسرّح شعري وحاط صنّة ولابس مليح. التهامي كان يهدرز على جو الزندقة وخطرها على العروبة، وكان يسب فينا ويقول معفنين.. بعدها اخدونا للحجز لوطا تحت الوطى.. قلت للحارس واحني نازلين الدرج راني المفروض مش معاهم وقضيتي مختلفة. والحق، الحارس وقف معاي وقفة تريس، سمعني وقالي حاضر توّا انهدرز مع الضابط الّي شاد الوردية ونرد عليك. لكن بعدها قعدت قريب ستة ولاّ سبعة ساعات ملوّح في الحجز.. معش فهمت.. صيحت ولعلعت وناديت. ما حد رد وكلهم فاتوني. الّي كانوا معاي في الحجز قريب عشرة ولاد، شدّوها صلاة ودعاء كل الوقت، وبعدين قعدوا على جنب وبدوا يهدرزوا على الدين وحكم الخروج عن الطاعة والهجرة وهلبة كلام كبير. ما سكتش، وقلت للّي كان شيخهم ويرعالهم راهو م الاخير مش ناقص مشاكل مع زك أمهم الّي فوق.. ما قتلاش "زك أمهم"، لكن بالمعنى هذا.. فبدي يتفلسف حول لا خوف الاّ من الله وحده وحاجات هكي.. قتله يا وخيّي فاهمك لكن أني ما عنديش دخل فيه الموضوع. عرفت كيف! بالحرف الواحد قتله أني ليبي زيني زيك، لكن الدوّة الغليضة زي الّي يقول فيها وفي مكان زي الّي قاعدين فيه ما يمشيش حاله.. أني نبّي نطلع، عنديّ بوي وامي وخوتي يخافوا عليا ومش مستعد نتنيّك بهالشكل العشوائي هذا.. صح والاّ غلط كلامي يا حْميدة؟"

"الحصيلو، في اليوم الّي بعده جاني نفس الحارس الي قتلك عليه، وقالي راهو ما فيهاش كيف نطلع توّا لأن اسمي انضم مع الجماعة الّي حطوني معاهم.. كيف وشن يصير، قالي والله ما فيها كيف توّا، لكن وعدني يدير الّي عليه والباقي خلّيه على ربّي.. قُتله خلاص منوّر تامّة الدوّة ما قصرتش، لكن غير أعطيني تليفون على الاقل انطمن العويلة. قالي ما يقدرش، لكن أعطيته رقم الحوش وقتله يتصل بالشيباني يقوله شن صار باش على الأقل يكون عندهم علم. قصدي وقتها نحكيلك يا حْميدة راهو الّي يختفي ليلتين في جُرّة بعض معناها مقتول.. كان ما قتلوشي العبسلامات معناها قتلوه امتاعين الهروينة والايباري. هذي ليبيا في التسعينات، والّي يقولك ما كنتش هكّي نيكله فص وقوله شن حال ضهرك. هذا علاش قتله الولد يتصل بامّاليا يقوللهم شن صار معاي، خلّي ما يصلّوش عليا وأني حي. ولمّا عرفت انه قالولهم أني ارتحت الحق، والحمدلله، الولد ساعدني هلبة وشنكش على جماعته وقدر يطلعني من الشيلّة امتاعين السنّة وحطوني في شيلة وحدة تانية كلها اولاد نعرفهم."


"كل اولاد الشارع والّي كنت نقرا معاهم في المدرسة، والّي على اساس في اوروبا، لقيتهم غادي، في الشيلّة التانية.. نحكيلك على اولاد نعرفهم من زمان وكل واحد فيهم اختفي بين يوم وليلة ومعش لقوه.. امّاليهم امّا يقولوا سافروا، وامّا يقولوا جتهم منحة وبعتة يقروا برّا.. وأني كنت الوقت كله نحسابهم كانوا داسّين الموضوع خايفين من الحسد لين سكّوا المنعة. المهم على اساس كلهم برّا في اوروبا، لكن لقيتهم كلهم في هديك الشيلّة في المكافحة.. تصوّر أني كنت حاسدهم كلهم لأني كنت نحسابهم سافروا وفلوس وتلج وبارات وجو مليح، لكن تاريتهم في دار ميترو في الميترو والتهامي يسب فيهم ليل نهار.. يا عندينم الصدمة يا حْميدة!"

"لما حطّوني في هديك الدار مع الّي حسبتهم هاجروا حسّيت روحي حتى أني هاجرت. كأنهم حطوني في بريطانيا ولاّ في أمريكيا. وكل واحد فيهم عنده قصة منيكة حتى هو.. في منهم الّي مشي يصلّي الفجر في الجامع طبّوه، وفي الّي خوه ملتزم امشي طبّوه حتى هو مع خوه احتياط، وفي الّي كان بالصدفة طالع الصبح بجبّة ع اللحم خلّي يشري خبزة ناكوا قاموه يحسابوه مشمر سرواله. المهم الحراس امدايرين هديكا الشيلّة للجماعة الّي شادينهم بالغلط ومش عارفين كيف يديروا فيهم. الحرّاس الّي كانوا يناوبوا علينا الحق كانوا كويسين ويساعدوا فينا ديما.. ناكلوا ماكلتهم ويجيبولنا ف دخان، ومرات حتى يجيبونا في حشيش.. واحد منّا يوصّي الحارس يمشي لخوه ياخد نتشة تسينة يجيبهالنا نسبسوها. الحق ينقال، والشباب كانوا كويسين معانا. التهامي والروس الكبار همّا المنيكين ودافّينا لوطا وناسينا." 

"واحد مسكين حكولي عليه الجماعة عمره  سبعطاش سنة، حطوه في دار بروحه من كثر ما دماغه ختّش وبدي يرعى. من كثر ما دماغه انضرب لين بدي يسلخ في جلده باللاميتّا. ولمّا واحد من الحرّاس في مرة طلعه من الزنزانة ودار بيه دورة في المبنى خلّي يوسع خاطره، سأله علاش يسلخ في روحه ويعذب في نفسه هكي. تعرف شن رد عليه المسكين.. قاله: استاحشت أمي. لما حكولي عليه بكيت.. عيني دمعت وأني معروف ما عنديش في البكي. لكن الموقف منيّك.. وأني وقتها كان ممكن يصير فيا زي ما صار فيه.. لكن الحمد لله حظّي كان كويس... همّا الّي تناكوا فيها مساكين.. راهو الدنيا منيكة الدنيا يا حْميدة. خيرها الطاصة فاضية؟ صب، صب خلي التريس تعرف بعض."




تعليقات

‏قال ashtar 28
مش مستوعبة علاش الليبي في كل جملة مفيدة مينساش ذكر عضوه الذكري ، محاولة بائسة لتذكير الناس انه رجل وليده عضو ؟؟
ام محاولة بائسة ومثيرة للشفقة للتعريف بهويته الذكورية لم استوعب !!
‏قال ashtar 28
مش مستوعبة علاش الليبي في كل جملة مفيدة مينساش ذكر عضوه الذكري ، محاولة بائسة لتذكير الناس انه رجل وليده عضو ؟؟
ام محاولة بائسة ومثيرة للشفقة للتعريف بهويته الذكورية لم استوعب !!
‏قال ashtar 28
هههههههههههه بصراحة بديت نتخيل في كل واحد منهم شاد الديك تبعه وشكله زي القرد يتكلم ، قمة القبح الانساني
‏قال ashtar 28
حق قولي في عندك قصة تانية امنزلها علاش محصلتهاش ؟؟؟
‏قال غير معرف…
اسلوب الكتابه هابط جدا للأسف و بعدين سادنا انلصقو في اخطائنا علي القدافي الراجل مات و توى شن حالكم يا ليبيين ماكم قعدين من سيئ لأسوأ
‏قال غير معرف…
من الاخير يا لاخر ههههههه والله دكرتنا بالذى مضى
‏قال غير معرف…
موجعة لزّب برضو

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التاريخ السري: مقتطف من مقال طويل

أحلام ومؤخرة الحمار

معمّر مات