عن المدارس الدينية

لطالما درسنا الدين والعلم في صفّ واحد. الدين على الكفّ اليمنى والعلم على الكفّ اليسرى، ونرى المعلمة تحاولُ بكلّ ما تملكُ من طاقة (دينية) أن تصنعَ مقاربة بينَ الدين والعلم بالاستدلال بآياتٍ ربما لا علاقة لها بالنص العلمي، ولكن ما أن نسمعَ أيةً قرآنية أو حديث محمّدي، حتى نشعر بأنّ الله قالَ هذا الكلام قبل العلم (لا حاجة لفهم منطلق الأية طبعًا)، وهكذا كبرنا على هذا الأساس العلمي الديني، والذي خلقَ العديد من الفراغات والثقوب في رؤوسنا دونَ دراية.
كنّأ نرى بين كلّ صفحة وأخرى في كتب العلوم والأحياء آية قرآنية غرضها شرح نظرية علمية ما أو اثباتها بالقول الإلهي، والمضحك في الأمر أنّ لي الكثير من الأصدقاء الدارسين لمواد علمية في المدارس والجامعات الأوروبية والأمريكية، وموادهم ملحقة بمناهج حولَ نظرية النشوء والارتقاء وتتمّ مناقشتها ودراستها في محاضراتهم، لا يزالون كافرين بها رغمَ أنّهم يسقطون في كلّ مناقشة، وذلكَ ايمانًا عميقًا منهم أنّ هؤلاء الأساتذة والمحاضرين وحتى تشارلز داروين نفسه لم يكونوا مسلمين، ولهذا فإنّهم لا يعرفون القرآن ولا يمكنهم فهم الحياة سوى من نظرية النشوء والارتقاء.
ركزَ البرفسور ريتشارد دوكنز (في برنامجه الأسبوعي على القناة الرابعة البريطانية) على ظاهرة التعليم في المدارس الدينية (سواءً المسيحية، اليهودية أو الاسلامية) باعتباها تشويه لعقل الطفل الذي يتربّى في هذهِ المدارس مناقضًا نفسه بينَ الدين والعلم، وهذا ما ركزَ عليهِ أثناء نقاشهُ مع عددٍ من مدراء المدارس ومعلمات المواد العلمية، وكذلكَ الطلبة الذينَ حاولوا أن يفسروا العديد من النظريات بمفهوم ديني.
والمثير في الأمر، عندما تحدّث السيد دوكنز مع عددٍ من الطالبات في المدارس الاسلامية حولَ نظرية التطوّر وأصل الانسان، فسألته احدى الطالبات عن السبب الذي جعلَنا كـ إنسان نتطور بينما الشمبانزي لا يزالُ حتى اليوم شمبانزي.
بالطبع هذا سؤال سهل بالنسبة لـ برفسور كبير قضى عمره في دراسة نظرية التطور والديانات والعلوم، ولكنّهُ قبلَ أن يجيب، قامَ بسؤال معلمة العلوم المتدينة، والتي بدورها عجزت صامتة دونَ أن تتفوّه بكلمة واحدة.
ازدادَ عدد المدارس المسيحية في بريطانيا، فـ بينَ كل عشر مدارس عامة، تجد ما يقارب السبع مدارس مسيحية، وكذلكَ الحال مع المدارس الاسلامية واليهودية. وقد ركز البرفسور دوكنز على هذهِ الظاهرة التي تكادُ تكونُ خطرة هدفها القضاء على العلم واطفاء نور العقل البشري عن التفكير، ولكن، ورغمَ أنّهُ ناقشَ هذهِ الظاهرة من عدة زوايا ونقاط، إلاّ أنّ حجم الدراسة الدينعلمية لا يزالُ ينتشر ليزيدَ العقل عقمًا.
الدين والإيمان في القلب، لا في المختبرات العلمية!
----
لمشاهدة الحلقة اضغط هنا
تعليقات