المكتبة الليبية الالكترونية


صارت لكِ يا ليبيا مكتبة

المكتبات الليبية، المنتشرة في ليبيا، قليلةٌ. فسوق الكتاب داخلَ ليبيا لا يلقى الرواج المناسب، وكذلكَ الاصدارات لا تلقى الرواج الذي من المفترض أن تلاقيه. هذا ليسَ شأن ليبيا فحسب، بل كذلكَ شأن الدول العربية كافةً لأسباب اقتصادية وثقافية أيضًا. مؤسسات النشر لا تعطي اهتمامًا سوى لمدى الربح الذي ستقدمهُ الإصدارات، واعتمادهم الأساسي في الترويج لأي عملٍ منشور، هو ما يُكتبُ عنهُ في الجرائد والدوريات. أي أنّ المهتمينَ وحدهم سيكونونَ على علم ودراية بالإصدارات، أمّا القرّاء المحليين، فمن الصعب عليهم متابعةً كل ما يُكتب، وذلكَ لأنّ الجرائدَ والدوريات الثقافية قد تكونُ خارجَ اهتماماتهم الأولوية. أمّا في الوقت الحالي، ومع ظهور الإنترنت والمواقع الإخبارية التي يتابعها معظم الليبيين، فإنّ ذاتَ المشكلة لا تزالُ قائمة وذلكَ لعدم توفّر المكتبات الإلكترونية الكافية. ولكن في لبنان والمشرق العربي، فقد صارت للمكتبة الإلكترونية اهتمامٌ واسع من قبل القرّاء، ونفردُ على سبيل المثال مكتبة إلكترونية لها الأن صوتٌ في الأوساط الثقافية الا وهي مكتبة النيل والفرات الإلكترونية، والتي باتت احدى أهم المؤسسات المروّجة للكتاب، وكذلكَ مكتبة أدب وفن. أمّا في ليبيا، فالقارئ لا يزالُ يشعرُ بصعوبة ويخلق حاجزًا زجاجيًا بينهُ وبين التعاملِ مع شبكة الإنترنت، وخاصةً في اثراء مكتبتهِ الثقافية، أمّا القرّاء المقيمين خارجَ ليبيا، فمن الصعب أن توفّر لهم المكتبات الإلكترونية العربية ما يغري عطشهم حولَ الكتاب الليبي، وربّما من هنا وُلدت فكرة المكتبة الليبية الإلكترونية.

مشاكل ثقافية

ينطلق مشروع المكتبة الليبية الإلكترونية ليغطّي الكثير من مشاكل الليبيين في مراجعة ثقافتهم، وخاصةً المهاجرين الذينَ يملكون العطش والولع لقراءة الأدب أو التاريخ الليبي. فا في ظلّ انحصار الكتب المهتمّة بالتاريخ الليبي في المخازن الحكومية أو في المكتبات المحدودة داخلَ البلاد، وفي ظلّ عدم وجود موقع الكتروني يهتم بأرشيف الكتاب الليبي، كانت بداية تأسيس المكتبة الليبية الإلكترونية. وهذا المشروع الذي هو امتدادٌ لمكتبات "الفرجاني" المشهورة في طرابلس والقاهرة، يعتمدُ في أساسياتهِ على نشر الكتاب الليبي، والترويج له بحيث يستطيع كلّ مهتم بالشأن الليبي، أن يجدَ فيهِ الكتب التي يحتاجها مرتّبة وبأسعار بإمكاننا اعتبارها مميّزة. وقد قامَ العاملون على المكتبة على وضع أكثر من 400 عنوان بمختلف اللغات، مع العلم بأنّ العناوين تزيدُ بشكل دائم، وبإمكان المتابع أو المهتم أن يراسل المكتبة طلبًا لكتاب، ليحاولَ القائمونَ على المكتبة العثور عليهِ وارساله.

سياسة وكتب الصادق النيهوم

فالمكتبة الليبية الإلكترونية تبيعُ الكتب المهتمة بليبيا سواءًا الأدبية أم السياسية أم التاريخية بأربعة لغات هي العربية والإنكليزية والإيطالية والفرنسية. وقد أفتتحَ الموقع في نهاية العام 2008 ولاتزالُ حتى اليومَ تشتغلُ وتطوّر في طريقة عملها وتصميمها بحيثُ يكونُ من السهل على القارئ أن يتصفحّها. وتحوي المكتبة في كلّ كتابٍ تروّج له ملخصًا أو قراءةً أو ما جاء في الكتاب، بالإضافة لعدد الصفحات والحجم والوزن والسعر.

ويهتمُ الموقع أيضًا بتجميع كتب السيرة الذاتية لشخصيات ليبية، وهذهِ الكتب صارَ من الصعب الحصول عليها في المكتبات الليبية أو حتى جمع معلومات عن الشخصية باستخدام محرّك البحث على الإنترنت. وأيضًا من الملاحظ أنّ القسم السياسي والفلسفي تطغي عليهِ كتب الصادق النيهوم، لتواجد معظمَ ما كتب على أرفف المكتبة.

حفاظًا على الجهد والوقت

يقول غسّان الفرجاني، مدير المكتبة الليبية الإلكترونية أنّهُ بدأ التفكير في موقع الكتروني يكونُ مكتبةً ليبية منذ ما يزيدُ عن الثلاثة سنوات. كانَ يحلمُ الأستاذ الفرجاني بجمعِ أكبرَ عددٍ ممكن من الكتب الأدبية والسياسية والإجتماعة بمختلف اللغات ويؤسس الموقع الذي سيسهّل للّيبيين الكثير من الصعوبات. وأرادَ بهذا المشروع أن يوصلَ الكتاب الليبي إلى كل الأيادي حولَ العالم، بحيث يستطيعُ أي فرد في ظلّ هيمنة الكمبيوتر والإنترنت أن يضغط بعض المفاتيح على جهاز حاسبه ليكونَ داخل أرجاء المكتبة ويطالع الأرفف، ويقتني الكتاب الذي يرغبُ بالحصول عليه، وفي حال انتهاء الطلبية، يكونُ الإعدادُ لها وارسالها جاريًا، وبهذا فإنّها الطريقة الأسهل للّيبيين أو لأي فردٍ يهتم بالثقافة الليبية، وهي أضمن وأكثرُ فعالية من إرسال الأشخاص إلى المكتبات الليبية وقضاء وقتٍ كبير وجهدٍ كبير في البحث عن كتاب واستخراجه.

وقد أفتتحت المكتبة وفيها مائة عنوان، وفي كلّ مرّة صارت تتزايد أعداد الكتب، شاملةً كلّ فروع أقسام المكتبة، حتى صارَ عدد الكتب اليوم ما يجاوز الخمسمائة عنوان.

أرشيف ليبيا وكتب الأطفال

كما أنّ المكتبة لا تقتصر على بيعِ الكتب الجادّة والأدبية فحسب، بل كذلكَ كتب الأطفال والشباب، وكتب تعلّم اللغة العربية والأشرطة المسموعة والأدلّة السياحية.

يقولُ غسّان الفرجاني أنّهُ يُريدُ هذهِ المكتبة أن تصيرَ أرشيفًا لكُل ما كُتبَ ورسمَ عن ليبيا. يريدُ أن يكوّنَ للبلاد أرشيفًا ثقافيًا حقيقيًا بإمكانِ أي مهتم أن يتزوّدَ منها ما يناسبه، وذلكَ لأنّ من واجب المؤسسات الثقافية طرح كلّ ما يمكن أن يثيرَ المهتم والمتفرّج وهذا يحتاجُ إلى الكثير من الوقت والعمل، وإلى مساعدة من المتابعينَ أيضًا في مناقشة الموجود وما يمكن اضافتهِ.

وقد لوحظَ أنّ المكتبة ورغمَ اهتمامها بحصر كلّ ما هو ليبي، فانها تقدّم في قسم الأطفال كتب لكتّاب من دولٍ عربية وأجنبية دونَ أن يكونَ لهذه الكتب أيةَ علاقة بأهداف المكتبة الليبية الإلكترونية، وحولَ ذلكَ يقولُ غسّان الفرجاني أنّ كتبَ الأطفال في ليبيا قليلةً، وقسم الأطفال هو مشروع مستقل، حيثُ فيهِ قصص وكتب يمكن أن تساعدَ الطفل المغتربَ مع والديه للحفاظ على لغتهِ العربية، وأن يظلّ قريبًا منها بقراءتها، ورغمَ أنّ الكتب المخصّصة في قسم الأطفال ليست ليبية، إلاّ أنّ هناك ما يقارب الأربعة وعشرون عنوانًا ليبيًا، وقد صدرت عن دور نشر ليبية أيضًا.

من فروع المكتبة:


القسم العربي:

قسم الكتب العربية متفرّع إلى خمسة فروع: التاريخ، الأدب، السياسة والفلسفة، السيرة الذاتية، وأدب الطفل. في كلّ فرع تملك المكتبة مجموعة كتب ذات قيمة. وقسم كتب الأطفال، وهو تجربة حديثة للمكتبة الليبية، في مشروعها نحوَ تكوين أرشيف كامل للكتب الليبية التي سيحتاجها الليبييون في معظم أنحاء العالم.

الأقسام الأجنبية:

أمّا الأقسام الأجنبية "الإنكليزي، الإيطالية، والفرنسية" فالكتب التي في كلّ قسم تعتمدُ فيها على ما تمّ ترجمته حولَ ليبيا، سواءً في كتب التاريخ أو الأدب أو الصحراء. وهناكَ كذلكَ الكتب السياحية التي تثير فضول المهتم الأجنبي، ودليل السيّاح إلى ليبيا.

المكتبة مستقبلاً:

يتوقّع للمكتبة أن تصيرَ احدى أهم مراجع الكتب المهتمة بالشأن الليبي، خاصةً وأنّها توفّر ما يحتاجهُ القارئ والمهتم، دونَ جهد ذهني أو عضلي في البحث عن الكتب، بل أنّ كل الكتب معروضةً وما على المهتم سوى الضغط على الكتاب الذي يريدهُ، كَي يصلهُ في فترةً قصيرة إلى عنوان بيته.

السؤال الذي يطرح نفسهُ الأن: هل لا يزالُ هناكَ من يهتمُ بالكتاب الليبي؟ الجوابُ يعودُ إلى حجم مكتبتك عزيزي القارئ!


لتصفّح أرفف المكتبة الليبية الالكترونية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التاريخ السري: مقتطف من مقال طويل

أحلام ومؤخرة الحمار

معمّر مات